محاضرة الليلة السابعة عشر من شهر رمضان المبارك 1442 هـ
قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾.
الحديث حول معالم الرؤية الدينية الإسلامية والبحث في الدين ليس بحثا ترفيهيا وإنما هو بحث في صلب حياة الإنسان فالإنسان بدينه يختلف عن الإنسان بلا دين وقد قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾،
وقال تعالى: ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾.
أي أن الإنسان حي بالدين، ومن هنا نتكلم عن معالم الدين.
الدين جاء وسعى للإقناع،
الله تبارك وتعالى بعث الرسل يريد منهم أن يساهموا مع العقل لإقناع الإنسان من أين أتى وإلى أين يذهب وإلى أين يسير في حياته
ورد عن أمير المؤمنين (ع): “فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذكروهم منسي نعمته ويحتجوا عليهم بالتبليغ ويثيروا لهم دفائن العقول ويروهم الآيات المقدرة من سقف فوقهم مرفوع، ومهاد تحتهم موضوع. ومعايش تحييهم وآجال تفنيهم. وأوصاب تهرمهم”.
- دور الأنبياء: إذاً دور الأنبياء هو الدور العقلي، وأيضا الدور القلبي.
الدليل العملي: هو ما ينبغي أن يعمل به الإنسان.
الدليل القلبي: العقل تخاطبه بالدليل الفلسفي فالمعلول يحتاج إلى علة والقلب تخاطبه بما يحركه وبما يوافق الفطرة،
النبي (ص) لا يأمر إلا بمعروف تعرفونه ولا ينه عن منكر إلا وتكرهونه.
﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
﴿وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ ۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾.
2- معالم الرؤية الدينية
- الرؤية الدينية المعرفية.
- الرؤية الدينية للكون.
- الرؤية الدينية للإنسان.
- الرؤية التشريعية.
- الرؤية الدينية المعرفية:
الملحد يقول أنا لا أؤمن بالله لأن التجربة لم تثبت فلا أؤمن بشيء (أرنا الله جهرة)!
فأدوات المعرفة لهذا الملحد فقط وفقط هي التجربة في المختبر،
ومن هنا لا بد أن تكون للإنسان الرؤية المعرفية الدينية.
- الدين يمجد العقل:
ورد عن الكاظم (ع): “يا هشام إن لله على الناس حجتين: حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة – عليهم السلام -، وأما الباطنة فالعقول”.
العقل البشري لا يكفي فهو يحتاج أن يسعف من قبل الله تبارك وتعالى، والوحي هو السماء،
في الوقت الذي للعقل منزلة عظيمة فإنه لا يستغنى عن تدخل السماء فلو كان العقل كافياً لما أرسل الله رسله.
س: لماذا العقل لوحده لا يكفي؟!
- السبب الأول: كثير من الناس عقولهم ليست صافية: تجد بعض العقول من مزجت بخرافات وعاشت في بيئة لا تؤمن بالرؤية العقلية، فهناك من يعبد الشمس وهناك من يعبد البقرة وهناك من يعبد الصنم!!، وفي نفس الوقت هناك من يؤمن بوجود الخالق لكن عقله لا يوصله لتشخيص الخالق.
- السبب الثاني: العقل لا يصل لكل العقيدة،
أنت تؤمن بالله وأن لك خالق ولكل هل تؤمن أن لك قيامة وجنة ونار ومشاهد قيامة ولكن كيف تعرف ذلك ؟ تعرف ذلك من خلال الوحي بعد أن يثبت لك صدق النبي فتسلم له.
- نماذج من إسعافات الله تبارك وتعالى:
- يؤكد لنا ما توصل له العقل ويبعد الخرافات.
﴿قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾
العقل لا يقبل أن نعبد شيئا نخلقه بيدنا!
النبي عيسى (ع): ﴿مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ۖ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ﴾
- ينبهنا عن الآيات التي لا نعلم عنها أنها آيات:
الشمس مثلا لها تأثير في الضوء والطاقة وعلى مستوى الطعام والغذاء فالشمس مهمة جدا،
هناك من نظر للشمس كآية من آيات الله فآمن بها، وهناك من نظر لها أنها خالق فسجد لها، وهناك من يشاهدها ولا يعتبرها آية.
﴿وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾
- الإسعاف عما لا ندركه: إسعافات الله من خلال بعث الرسل.
- الرؤية الدينية للكون:
للكون خالق يدبر أمر الكون ولكن هناك ثلاثة أصناف فصنف يتعامل أنه لا يوجد خالق، وصنف يؤمن بوجود خالق لكن لا يؤمن بالقيامة، وهناك صنف يسمى بـ اللا أدرية وهم من تكون طريقة حياتهم هي الدنيا فقط وفقط،
من يكون من الصنف الأول، والصنف الثاني فإنه يتحول إلى إنسان شرير لأنه يعرض عن الله فيدمر ولا يعمر،
بينما الصنف الأخير نقول لهم احترموا عقولكم لأن من يخاف من شيء يحتاط، وهنا يأتي وجوب دفع الضرر القوي المحتمل.
بعض الشباب يقول لقد تركت الصلاة لأنه أصابني شك! ألمجرد الشك تترك الصلاة ؟! اسأل ولا تحرم نفسك.
- النظرة الكونية للإسلام:
- الخالق ليس ماديا: فيا من تريدون الله للتجربة نقول أن الله ليس مادياً ويستحيل أن يكون جسماً لأن الجسم مكون من أجزاء وكل جزء يحتاج لآخر،
الله تبارك وتعالى وجود بلا تركيب، وهنا قد يسأل البعض كيف نتصوره ؟
لا تتصور ربك ولكن تصور آثار بركاته وعظمته،
هل هناك من يقيس الحرارة بميزان الكيلو ؟! الذهن البشري يتخيل الأجزاء لأبعاد ثلاثة، والله جل جلاله ليس كمثله شيء.
- الله تبارك وتعالى واحد
النظام منتظم ببعضه البعض.
- الرؤية الدينية للإنسان:
الإنسان كائن مزود بأمور من عقل ودين واختيار والإنسان قد حظى على جانب العناية من الله عز وجل.
- عناية الله للإنسان (الله يعتني بهذا المخلوق):
- جعله خليفة.
- سخر له كل شيء.
- كرمه منذ بدء خلقه.
- جعله لطيفا
- جعله حبيا له (حبيب الله) فالله يحب الإنسان ولو كان عاصيا.
- زوده بالعقل.
- وهبه الضمير الأخلاقي
- أرسل له الرسل وأسعفه بالأنبياء.
- الله تبارك يتولى أمر الإنسان إن اعتمد على ربه وحسن الظن به وتوكل عليه.
- الله يتفضل على الإنسان بصنعه للابتلاء.
- أبعاد الإنسان:
- فطر على شعوره بوجود الأخلاق.
- الإنسان لا يفنى لأن الدنيا محطة.
- لديه الضمير الأخلاقي.
- الاختيار (التقوى أو الفجور).
- السنن في الدنيا وإن أخذ الإنسان الفضائل صار سعيدا.
- أرسل للإنسان رسلا يعلمونه.
- الرؤية التشريعية:
قوانين الله تبارك وتعالى تختلف عن القوانين الوضعية ومن الرؤية التشريعية لقوانين الله هي:
- أنها ملاءمة للجسد والروح
- تناسب الفطرة.
- القوانين الدينية تختلف عن القوانين الوضعية..
القوانين الدينية تجسد الأعمال،
والتشريعات تخلق ببنية الإنسان عندما تتشكل فيه ملكات الفجور أو ملكات الفضائل.
- الإسلام بنى القوانين على العدل.
- التشريع يراعي الصفات الفاضلة الإنسانية.